يبين هذا الموضوع جوانب من نظرة القرآن للمرأة و الحقيقة بشأن تكريم الله للمرأة و يهدف الموضوع أيضا إلى دحض بعض الآراء و الأهواء الباطلة في هذا الموضوع. فمقدمة لهذا الموضوع يقول الحق جل وعلى في سورة الحجرات (آية 13) "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، فيبين الله عز وجل في هذه الآية الكريمة أنه خلق الذكر والأنثى وأن التفاضل بين الناس يتم عن طريق التقوى وليس عن طريق اللون، المال، أو إذا كان رجل أو امرأة.
ويقول الحق جل وعلى في الآية الرابعة من سورة التين "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ"، فيبين الله عز وجل في الآية الكريمة أنه خلق الإنسان (ذكر وأنثى) في أحسن تقويم. وهذا يعني أن المولى خلق جسم الإنسان في أفضل تقويم للقيام بالوظائف الحيوية المختلفة، فيمكن الاستنتاج من هذا بأن الرجل مساوي للمرأة و لكن هذا لا يعني مساواة التطابق. وهذا يعني بأنه بالنسبة للوظيفة الموكلة بالأنثى فإنها تستطيع أن تقوم بها بأكمل وجهة ولا يوجد نقص في إمكانيات المرأة للقيام بوظائفها على الإطلاق، وبالمثل يستطيع الرجل القيام بوظائفه الموكلة إليه بأفضل تقويم ولكن ذلك لا يعني بأن المرأة تستطيع القيام بكافة وظائف الرجل ولا الرجل يستطيع القيام بكافة وظائف المرأة. فهي مساواة في الحلق بأفضل هيئة و تقويم للقيام بالوظائف الموكلة لكل منهما وليست مساواة في الوظائف الموكلة لكل منهما.
الحكمة من فرض الحجاب
يبين الله عز و جل الحكمة من فرض الحجاب والجلباب على المرأة المؤمنة في سورة الأحزاب (آية 59) "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"، حيث يبين الله عز وجل أنه عندما يلبس الرجل المؤمن و المرأة المؤمنة لباس يدل على أنهم مسلمين فيعرفهم الناس من حولهم بأنهم مسلمين فيفكر الإنسان الذي يريد أن يؤذي هذا الرجل المسلم أو المرأة المسلمة أكثر من مرة قبل الإقدام على أي شيء "ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ". فنلاحظ كيف أن هدى الله عز و جل مبني على الرحمة.
وأيضا عندما تلبس المرأة الحجاب والجلباب فإن ذلك يحجب عورة المرأة من الرجل وذلك أطهر لقلوب الرجال، لأنه عندما يرى الرجل من عورة المرأة فيأتيه شيطانه (قرينه) عن طريق الصوت المطابق لصوت النفس وكأن الرجل يفكر مع نفسه بصوت يقول له ماذا لو فعلت كذا وكذا ويحبب له شيطانه الزنا. وأيضا يأتيه قرينه (شيطانه) بتخيلات في اليقظة والمنام تخيل له هذه العورة وتقنعه بأنه يقوم بممارسات بذيئة ومن ثم يقول له قرينه (شيطانه) بأن ينفذ هذه التخيلات وبذلك ينتشر الزنا في المجتمع. فمن الملاحظ انتشار الزنا في المجتمعات التي لا يلبس فيها اللباس الإسلامي بشكل أكبر من المجتمعات الأخرى بشكل ملحوظ.
ذكر الضرب في القرآن الكريم
يقول الحق في سورة النساء (آية 34) "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"، فيفهم من هذه الآية الكريمة بأن ضرب المرأة هو آخر ملجأ، والجدير بالملاحظة أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يضرب أيا من زوجاته على الإطلاق. ولكن الذي لا يفهمه الكثير من المسلمين هو ماهية الضرب المسموح به في الإسلام ولمعرفة الإجابة عن هذا السؤال يجب على الإنسان أن يلجأ إلى الله عز وجل وإلى كتابه وليس إلى أهواء أشخاص لا يفهموا كتاب الله عز وجل. فما هو تفسير كلمة (واضربوهن) في القرآن الكريم؟
القرآن الكريم هو أفضل كناب تفسير لنفسه فهو يفسر بعضه بعضا، فيمكن فهم الضرب المسموح به في الإسلام من تدبر قول الله عز وجل لأيوب عليه السلام في سورة ص (آية 44) "وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ"، فالضغث هو القش الطري (الذي فيه ماء)، فيعلمنا الله عز وجل أن الضرب المسموح به في الإسلام هو الذي لا يترك أي أثر (لا احمرار ولا الم) وهذا هو ما ينتج عن ضرب الإنسان بقش طري فذلك لا يترك أي أثر ولا ألم ولكن الهدف منه لفت النظر في حالة تعذر لفت النظر عن طريق النصح والهجر. فالضرب المسموح فيه في الإسلام هو اللمس الذي الغرض منه لفت النظر مثل الذي يفعله الشخص عند لمسه لإنسان آخر للفت نظره لأمر معين و ليس الضرب الذي يفهمه الكثير من الناس والذي هو شيء يجلب غضب الله على الشخص الذي يفعله.
فالهدف من الضرب (اللمس) هو لفت النظر إلى أمر معين. فعلى سبيل المثال إذا كنت تعرف أن إنسانا يذهب إلى الهاوية وحاولت أن تلفت نظره عن طريق الكلام (النصح) والأفعال ولم يفلح ذلك. فما الذي تفعله أتتركه يذهب إلى الهاوية أم تلفت نظره عن طريق اللمس. ومثال ذلك المرأة التي تذهب شيئا وشيئا إلى الهلاك فهناك يجب لفت النظر عن طريق الكلام، الأفعال، واللمس. وهذا ينطبق أيضا على الأطفال، فيكون لفت النظر عن طريق الكلام (النصح)، الأفعال (إظهار عدم الرضا على الفعل)، واللمس الذي لا يترك أثر ولا ألم أي لمس للتنبيه ولفت النظر.
موضوع تعدد الزوجات
من أكثر المواضيع التي أسيء فهمها من قبل المسلمين والغرباء عن الدين هو تعدد الزوجات في الإسلام ولمعرفة الحقيقة بشأن هذا الموضوع يجب علينا أن نتفكر في المكان الذي ذكر فيه هذا الموضوع في القرآن الكريم وهو في سورة النساء (آية 3) "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ"، ونجد الآية التي تسبق هذه الآية تتحدث عن اليتامى في (آية 2) "وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا". حيث نجد بأن المولى عز وجل ذكر في بداية (آية 2) "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى" حيث إن هذا يمثل جملة شرطية أنه فقط في حالة الخوف من عدم إعطاء الحقوق لليتامى "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى" ويعني هذا بأنه في حالات خاصة مثل كثرة الحروب وقتل الرجال وبذلك يكثر اليتامى وتكثر الأرامل وفي حالة زيادة عدد النساء اللواتي لديهم أولاد بدون أزواج (أي ألأرامل) أي في هذه الحالة فقط يسمح بالزواج بأكثر من امرأة لكي يعطى اليتيم حقه عن طريق كون له رجل يكون بمثابة الأب له. أما الزواج بأكثر من امرأة بدون وجود هذا السبب فالإسلام منه بريء بدليل هذه الآية الكريمة.
ونجد تطبيق هدى الله في هذه الآية الكريمة من قبل الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه حيث أنه إذا تدبر الإنسان سيرتهم العطرة نجد بأنه إذا كان لدى رجل منهم زوجة ثانية أو أكثر فنجد بأن كل زوجة ينطبق عليها الشرط المذكور في الآية الكريمة حيث كانوا يتزوجوا إذا استلزم الأمر أرامل النساء من أثر الغزوات لكي يتكفلوا باليتامى تطبيقا لقول الحق (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى).
فيبين هذا الموضوع إن شاء الله تعالى طهارة رسالة الله عز وجل للناس ورحمة الله بالمرأة والناس من تشريعه لهذه الأوامر، ويدحض بعض الأهواء الخاطئة في هذا الإطار التي شوهت تعاليم هذا الدين وأدت إلى نفور الكثير من المسلمين وغير المسلمين من دين الله والقرآن الكريم