أدبيات التعليق في المنتديات
ود عمو
جميع المنتديات في الشبكة العنكبوتية, تجيز لأعضائها وزوارها وروادها وضيوفها... التعليق على المدخلات في الأبواب والأقسام التابعة لها, ضمن أطر وقوانين محددة, إلا بعض الأقسام الإدارية الخاصة والتي لا يسمح إلا للمشرفين والاداريين دخولها كونها تختص فقط بالشؤون الادارية للمنتدى وليس للآخرين حق التعليق فيها... والتعليقات أو الردود أو الإنتقادات أو ... مهما اختلفت التسميات, ما هي إلا نمط فكري معين لخلق حالة التفاعل الخلاقة بين المدون والقراء, وهي بالتالي تثري التدوينات بالأفكار المختلفة من جوانب عدة, فيما إذا كان المعلق أو الناقد على جانب من الوعي والثقافة, وملم بعملية كتابة التعليق, على أسس فنية فكرية أدبية... وأما ما دون ذلك من ردود سريعة, وتعليقات عاطفية, فهي تسبب أذية واسعة للتدوينة وكاتبها خاصة إذا كانت ذات طابع جدي, بحيث تعدد مثل هذه الردود حول تدوينة معينة تطمس وتغرق التدوينة في بحر من الكلام الفارغ الذي لا طائل منه, سوى لقلقة اللسان في بضع كلمات فارغة المحتوى...
لذا فإن المدون عندما يوقع تدوينة ما في قسم ما أو باب معين في منتدى منتسب له, يتوقع أن يقوم الأعضاء بعملية التعليقات الجادة التي تدخل على التدوينة عملية التحديث والتطوير قبل استعراض كلمات التبجيل والمجاملة... وإن كانت محببة للنفوس لكنها في النتيجة لا إفادة فكرية منها ولا مناص أدبي من توقيعها... وعليه فإن عملية التعليق أو النقد أو الرد في تدوينة معينة لها آدابها التي يجب على الآخرين الالتزام بها على الأقل , لإضفاء الطابع الحواري المميز بين المدون والقاريء...
يجب على المعلق قراءة الموضوع أكثر من مرة حتى يستوعب المضمون بشكل أعمق ويحيط بخلفيات النص إلى أبعد الحدود, ثم يبدأ بتعليقه على أساس ما استوعب وفهم من النص, وعليه التركيز في تعليقه ليأتي متطابقا مع المحتوى, حتى لا يخرج عن الموضوع, ويكون بون شاسع بين النص والتعليق, وهو ما يزعج المدون, ويعكس صورة سلبية عن المعلق, وبقدر ما يتم التركيز على التعليق ليتطابق مع النص بقدر يكون التعليق ناجحا ومميزا ومفيدا لكلا الطرفين المدون والمعلق وبالتالي للقاريء ...
التكرار في كلمات التعليق وإعادة نفس الكلام الذي كتبه معلق ما قبل تعليقك, يضايق المدون ويأتي بلا فائدة, ويزيد في تعداد التعليقات الفارغة أو المكررة... والتي لا تثري التدوينة بشيء جديد, لذا على المعلق الحاذق أن يقرأ التعليقات التي سبقت تعليقه, والاطلاع على مضمونها حتى لا يقع في عملية التكرار المملة, وعلى المعلق أن يتحلى بالصبر, حتى يطلع على تعليقات ما قبله, ليأتي تعليقه مثمرا ويحمل شيئا جديدا وفيه حوافز للنقاش, تلفت نظر من يأتي بعده... وإلا فعليه أن لا يخوض هذه العملية, لأنه كلما زادت التعليقات غير المدروسة, كلما زاد احتمال التكرار غير النافع, وكلما زاد احتمال تجاوز التعليقات من قبل القراء وعدم الاهتمام بها...
الزوار الفضوليون يدخلون المنتديات فقط لتدوين أسمائهم في خانة الردود والتعليقات, إشباعا لنشوة في نفوسهم, هادفين من ردودهم البسيطة والسطحية أو المنمقة بكلمات لا تمت بصلة للنص, لتأكيد تواجدهم على الشبكة العنكبوتية وبالتالي الزيادة في تعداد أسهمهم مما يجعلهم في طليعة المتفاعلين في المنتدى من وجهة نظرهم طبعا, بحصولهم على أعلى نسبة تعدادية لمساهماتهم... من خلال تعليقات عديمة القيمة, تكسب كاتبها سمعة غير مقبولة, وتمنحه لقبا هابطا بأنه معلق لا نفع منه...
ليس المهم أن يدخل الفرد ويدون تعليقه كيفما شاء, إنما الأهم أن يعرف متى يعلق وكيف يدون تعليقه... وهل التعليق في مكانه المناسب, فالتعليق وسيلة اتصال بين فرد وجماعة, يعكس وجهة نظره في سياق موضوع التدوينة... وهنا تبرز عملية تحديد تدوين التعليق, أو الربط مع رسالة إلكترونية من خلال رابط معين , وهذه الرسالة إن دلت على شيء إنما تدل على عدم انتماء مرسلها الى قائمة الحوار أو النقاش...
مدعوا المعرفة كثيرون, ليس لهم هم سوى زيارة مواقع النصوص في أقسامها والتفتيش عن هفوات بسيطة والتعليق عليها دون الالتفات الى فكرة الموضوع, كاشفين النقاب عن تعاليهم وغطرستهم وكبريائهم, معتقدين أنهم هم الأكفأ وهم أصحاب المعرفة ويتسبون لأنفسهم ما ليس فيهم... ويدونون تعليقاتهم الجارحة والمؤذية, بدلا من التعامل مع النصوص من باب المعرفة الواسعة التي تضيف ما هو جديد على النص الهدف... مما يدفع بمن لديهم التسهيلات اللازمة لمسح مثل هكذا تعليقات مسيئة أكر منها مفيدة...
الوضوح في التعبير عن فكرة ما في التعليق شيء مهم ويجعل القاريء يفهم المغذى من التعليق والأبعاد التي يرمي اليها, فاستخدام النقط المتتالية يغير من جوهر المعنى, واستخدام تانورية في الأفاظ يجنح بالفكرة الى أبعد مما تحتمل, لذلك فللأسلوب دور بارز في ايصال البعد النقدي للتعليق بأسهل التعابير وأوجز الكلمات...
التعليقات المجهولة الهوية, أو الموسومة بهويات مرمزة لسبب أو لآخر تعكس حالة معينة تتسم بالضعف غالبا, مع الاحترام والتقدير لبعض الأسماء الرمزية وإن كانت ضرورية في بعض الأحيان, وعلى كاتب التعليق أن يتصف بالجرأة والقوة وتحمل المسؤولية , وعليه بالتالي وضع الأمور في نصابها الصحيح, فذكر الاسم والمرجع والموقع أو المدونة أو المصدر أو وضع صورة حقيقية تدل على الشخصية ولقبها الفعلي , عملية توحي بالثقة والارتياح عند متلقي الرسالة التعليقية...
كلما كان التعليق مركزا ومختصرا , كلما كان مقبولا أكثر من جمهور الأعضاء والزوار والرواد والقراء, بخيث يمكن القراءة بسرعة والفهم بسرعة أكثر, أما الشروحات والمطولات والمحاضرات فهي خارج نطاق تدوين الردود والتعليقات والانتقادات البناءة...
على المعلق المتخصص أن يقوم بتدوين تعليقه وفق الأصول الفنية والأدبية, بحيث عليه الاشارة للنص المعلق عليه أو نسخه وكتابة التعليق أو النقد اللازم تحته مباشرة, إذا كان الأمر يتعلق بأجزاء من النص... وإذا كان من الضروري استخدام مراجع ومصادر ما لتأكيد الفكرة فلا بأس بذكرها , إضافة الى روابط تفي بالغرض , تسهيلا على القراء الرجوع اليها في حال تطلب الوضع...
النقد الجارح, التعليق الهجومي, الرد غير اللائق, الاتهام والتجني, الكلام البذيء, التطاول والتهكم, السخرية الشتم والسب, القدح والذم ... مهما كانت الأسباب أساليب غير مقبولة في التعليقات, لا بل مرفوضة جملة وتفصيلا كان من كان وراءها, لأن قيمة النص تهبط الى المستوى الأدنى وبالتالي مثل هكذا ردود وتعليقات ونقد لا يعكس المستوى الأدبي الرفيع ولا المستوى الخلقي القويم... وعلى المدون الحاذق أن يمتص مثل هذه التجاةوات وأن يقاوم هذا الاستفزاز, محافظا على مكانته , محاذرا اللانجرار أو الانزلاق في متاهات هذه التعليقات غير السمؤولة, وعليه أن يحافظ على الموضوعية ورباطة الجأش مهما كلف الأمر...
نحن مخلوقات بشرية, جبلنا بالعاطفة والمشاعر والأحاسيس , وغالبا ما تثيرنا أمور معينة أو تغضبنا كلمات معينة أو تضايقنا تعابير ما, وردت في نص ما أو مدخلات معينة... وأتوجه للجميع من المدونين والمعلقين والمنتقدين ومن يهمهم الردود في المنتديات عامة وخاصة, التعامل مع النصوص بكثير من الدراية والهدوء والارتياح النفسي, وعدم كتابة التعليق مباشرة بعد قراءة النص وخاصة إذا كان فيه ما يثير الأحاسيس... وإذا وجد الواحد منا نفسه يكتب ردا أو تعليقا أو نقدا بغضب في منتدى ما لتدوينة ما لشخص ما, فليتوقف عن تدوين التعليق ريثما تطمئن نفسه وترتاح مشاعره ويروق ذهنه ويستجمع أفكاره, ومن ثم يقدم على التعليق بهدوء تام بجيث يختلف الأسلوب كثيرا...
كتاباتنا, تدويناتنا, ردودنا, تعليقاتنا, انتقادتنا, مدخلاتنا... التي ننشرها في المنتديات وغيرها, جميعها تصبح بمتناول رواد وزوار وقراء الشبكة العنكبةتية بمجرد إرسالها عبر المنتدى أو غيره, وتصبح أسيرة في ملفات محركات البحث , ويطلع عليها من يشاء وساعة يشاء... ولا يمكن التراجع عنها بعد ذلك ... لذا علينا التريث والانتباه لم ندون ونكتب وكيف نرد ونعلق أو ننتقد...
كل مخلوق بشري له رأيه الخاص وله رؤيته الخاصة ولكل كاتب وجهة نظره الخاصة وقناعاته الخاصة, ومنها ما يتوافق نسبيا أو كليا مع الآخرين ومنها ما يتعارض نسبيا أو كليا مع الآخرين... ومهما كتب المدون من مقالات فلم ولن يرضي لبجميع ولم ولن يرضى عليه الجميع, وسيبقى الاختلاف في الرأي قائم مهما كان السبب, وهذه هي ميزة الانسان الى أي بيئة انتمى... ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة برأي واحد, هي خكمته تعالى... وهناك البعض من متسولي الشبكة العنكبوتية, يتجولون في أبواب وأقسام منتدياتها وغيرها, لينشروا تعليقاتهم الهجومية وردودهم ارنتقامية وانتقاداتهم الجارحة... في أي مساحة متاحة للتعليق, ويستطيعون دخولها, لا يميزون بين نص ونص أو مدون ومدون لغاية في نفوسهم المريضة... أمام هذه الزمر اللامبالية وغير المسؤولة والمنفلتة من عقال الحد الأدنى للأدب , يجب على المدون في المنتدى في أية موقع كان, أن لا ينجرف وراء هؤلاء ولا ينزلق في متاهاتهم, وأن لا يلتفت اليهم, ولا يعيرهم أي أهمية, بل يهمشهم كليا وكأنهم غير موجودين, ويتابع نشاطاته الفكرية والأدبية والفنية... وهذا كفيل بردعهم والتراجع أمام عدم الاهتمام بهم وأقواهم وتعليقاتهم وردودهم...